٦.٦.٣٠

نزيف النفق


نونٌ لنبدأ قصّةً لا تنتهي ...
نفْسٌ سيحملها الرحيلُ و لن تفارقَ أمسها ...
نصٌّ سيخلق ذاتَه من ذاتِه ؛ و يعيدُ غربلةَ الحروف ِعلى ثنايا الأسئله ...
نعشٌ سنحمله اعتذاراً للحياة الممكنه ...
نقشٌ ستنحته العيونُ على خواء الأمكنه ...
نورٌ يسافر في غبار الراقصين على خراب ِالأزمنه ...
نصلٌ سينـزف حين يبتسمُ القتيلُ ،
و حين تهوي المقصله .

*

ناحت الرّيحُ ؛ افترقنا ..و المراكبُ هائمه ...
في القلب ِمرساةٌ ثقيله .
و الشواطئ ُغائمه .

ناحت الرّيحُ ؛ اختلفنا .. و الحقيقةُ واحده ...
لا ظلَّ يختصرُ المسافة َ، لا رؤى ...
ستزيلُ فوضى ما أرى ...
و تعيدُ نبض َالأفئده .

*

و مضيتُ أجترُّ السؤالَ على رماد المعركه ...:
" من أنا بعد الهزيمة يا تُرى ؟...
أأنا الشهودُ ؟ أم الشهيدُ ؟
أأنا القتيلُ ؟ أم الوليدُ ؟ "

*
نونٌ لنغرسَ خنجراً في قلب ِشاعرنا الغريق ...
نونٌ لنسألَ جرحهُ :
" من أينَ يأتيكَ البريق ؟ "

*
نقتاتُ من حُلْم ٍ سيهوي عند مفترقِ الطرقْ ...
نقتاتُ من جمْر الحنين ِ، نعبُّ من ماء ِالقلقْ ...
و نخافُ من لوم المشاهد ِ، و المشاهدُ تحترقْ ...
و نتيهُ في حمّى التساؤل و الأرقْ ...:
" هل نحن حقّاً تائهون ؟ أم النّفقْ ؟...
هل نحن أغصانُ الخريف ِأم الورقْ ؟...
هل نلتقي إذ نلتقي أم نفترقْ ؟ ..."

*
و رأيتُ حزناً في عيونك ِيختنق ...:
-" هل نلتقي- يا سيّدي- كي نحترق ؟ "
-" بل نلتقي كي يستمرّ نشيدُنا ..."
-" و هل الفراقُ نشيدنا ؟ "
- " بل عودُنا ...
مثلُ الورود ِوجودُنا ، و غيابنا مثلُ العبق "

*
نصفٌ أنا و الليلُ نصفُ ...
و الذكرياتُ تساقطتْ ...
لكأنّها في الصّدر قصفُ ...
و الحزنُ عرسٌ صاخبٌ ...
طبلٌ ، و راقصةٌ ، و عزفُ !
جرحٌ أنا ... و الشعرُ نزفُ

*

نونٌ لنرتكبَ الحياة َعلى ضفاف ِالموت
نرتدي فرحاً قديماً حين تُورقُ عشبة ٌ،
أو حين ترقصُ سُنبله
ننثرُ (العقدَ الفريدَ) على شظايا القنبله !

*
صَدَفٌ من الشوق ِالمسيَّج ِبالصُّدَف ...
صُدَفٌ من البوح ِالمرتَّل في الصَّدَف ...
موجٌ يلاحقُ نورساً ،
و البحرُ كفّْ .

*
و أرى سؤالاً في عيونكِ قد نطقْ ...:
-" من أنتَ يا هذا الألقْ ؟ ".
- " ماءٌ بأطرافِ الحريقْ ...
قشٌّ يفكّرُ في الغرقْ ! ."

*
أنا من رأى ليلاً يطلُّ من الشموس ِالغاربات ِبلا أفقْ ...
أنا من رأى موتاً يلوّنه الشفقْ ...
سأظلُّ أسبحُ في صداي ...
سأظلُّ أنزفُ في خُطاي ...
سأظلُّ مُعتنقاً رؤاي ...

*
و عليَّ أنْ أنسى فقط !
أنسى لأبعثَ دفقةَ الشلاّل في الشريان
أنسى لينفصلَ الزمان ...
أنسى لينتفضَ المكان ...
و لكي يعجَّ مساؤنا بالياسمين ِو بالحبقْ
و عليَّ أنْ أضعَ النقط .

*
أصغي لحزن ٍفي دموعك ِقد بدا ...:
" ذهبتْ أغانينا سُدى ...
ذاب الصهيلُ مع الصدى ...
أنتَ الذي نثر الندى بين الورودِ ...
الآنَ تغتالُ الندى ؟ "

*

و عليَّ أنْ أنسى فقط
أنسى لأجمعَ حلمي المنثورَ في كلّ الأماكن ...
و عليّ أنْ أنسى الوجوهَ ، عليّ أنْ أنسى المدافن ...
و عليَّ أنْ أحيا فقط !

*
مستسلماً لصدى خطاي أظلُّ أقترفُ الدروب…
كالنردِ أمستْ وجهتي…
لا حدْسَ لي إلاّ النسائمُ و الغروب
لا حُلْمَ لي إلاّ البياض
لا أرضَ لي إلاّ الهبوب !

*
هذا أنا من ربع ِقرنٍ ، ربما من ألف ِعام
جِيْدٌ على نصلٍ ينام
صمتٌ على نعش ِالكلام
و أنا ظلالٌ وارفة...
و أنا طيورٌ واجفة...
و أنا ثمارُ العاصفة...
و أنا المليءُ بوحدتي حدَّ الزحام .

*

أعلى من الريّح اشتهائي للسلامْ…
لقصيدةٍ معزوفة بين النوارسِ و الغمامْ…
و للسعةِ الماءِ النميرِ ، و للحمامْ…
لحبيبةٍ تستلُّ خنجرَ عطرها ؛ فتسيل أوردةُ الرّخامْ…
فمتى سيلتئمُ الحطامْ ؟

*
نونٌ لنحيا في فضاء المستحيل
موجاً ، و ريحاً صارخاً : " عمّا قليل...
نأتي إلى أيامنا ...
و نعانق الفجر الصقيل ".

عبدالدائم اكواص
مدونة أمواج




هناك تعليقان (٢):

blue-wave يقول...

اللللللللللللللللللللللله
والله ومن غير مجامله من ابدع واجمل ما قرأت
تحياتى

ياسمين حميد يقول...

وتجامل ليه؟
مش أنا اللي كتبتها، ده الشاعر الليبي عبد الدائم أكواص